افتتاحية الجزائر اليومالرئيسيةسلايدرعاجل
أخر الأخبار

يوم الجزائر

بقلم: المعتز بالله منصوري

Ads

ينتخب الجزائريون، هذا السبت، رئيسا للجمهورية لمدة 5 سنوات، في رئاسيات مسبقة تحتفظ بعديد القراءات أثناء وبعد العملية الانتخابية في الجزائر.

ومن حيث شكل المسار الانتخابي الذي بدأ رسميا، في 08 جوان الماضي عند صدور مرسوم استدعاء الهيئة الناخبة، فقد اتسم بالهدوء والخضوع التام لضوابط القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، من كافة النواحي.

ولأن الرؤى وتقديرات الموقف السياسي تختلف انطلاقا من زاوية النظر وأبعادها، هناك من اعتبر أن مجريات الاستحقاقات لحد الآن، افتقدت الحماس المطلوب، بل إن هناك من اعتبر أن التراشق الكلامي والتحريض والتحريض المضاد، ميزة هامة افتقدتها الانتخابات هذه المرة.

وفي المجمل، أجمعت كافة التحليلات السلبية، على أن رئاسيات السابع سبتمبر تختلف عن سابقاتها، بل لا تشبه لا من قريب ولا من بعيد، الانتخابات الرئاسية الست التي عرفتها الجزائر، منذ إقرار التعددية السياسية.

وفعلا، هي تختلف كليا، ولكن من خلال النظر من زاوية الالتزام السياسي والقانوني والأخلاقي، ننتهي إلى تقديم قراءة أكثر دقة، مفادها أن الجزائر تستطيع أن تغير بشكل بناء وهادف، طبيعة الممارسة الفعلية للديمقراطية من قبل المترشحين والناخبين على حد سواء.

لأن الجزائر في النهاية، استطاعت تنظيم انتخابات، بعيدة كل البعد عن المال الفاسد والمال السياسي، بل تدخل القضاء بقوة وحزم، للتصدي لكل سلوك في هذا الاتجاه، ووضع كل من أثبثت التحقيقات الأولية تورطه رهن الحبس المؤقت وتحت الرقابة القضائية ..والتحقيق مستمر.

واستطاعت الجزائر، أيضا أن تنظم حملة انتخابية، هادئة ومهنية، خالية من الحروب الكلامي ومن الاستهداف المجاني الديماغوجي بين المترشحين، وخالية كليا من الإساءات الأخلاقية.

وكل من المترشحين الثلاثة، اجتهد في إتقان فن الإقناع، وعاد السياسيون إلى الشوارع وإلى الساحات وإلى مواقف الحافلات والميترو، يخاطبون المواطنين، وجها لوجه، في مؤشر على بداية تجاوز القطيعة، بعد سنوات مضت كفر فيها المواطن بالعمل السياسي بعدما سئم مسلسلات الوعود الكاذبة التي لا تنتهي.

ولم تتلق سلطة الانتخابات وهي التي تنظم ثاني انتخابات رئاسية منذ استحداثها سنة 2019، شكاوي عن سوء التصرف من قبل المترشحين ولم تقم بوساطات لتهدئة الجو ولم تدون ما يخل بمجريات العملية قبل يوم الاقتراع.

الآن وابتداء من صبيحة هذا السبت، تبدأ مهمة الناخبين في اختيار من يرونه مناسبا لقيادة البلاد، خلال الفترة المقبلة.

ورغم متطلبات الحملة الانتخابية، وضرورتها في الإقناع والحشد الجماهيري، إلا أن الفعل الانتخابي في حدث سياسي بالغ الأهمية مثل الانتخابات الرئاسية له ضرورات لا تتوقف عند مهارات المترشحين وحنكتهم، نظرا للمدلول المعنوي لمنصب رئيس الجمهورية.

ولا يخضع الأمر، في انتخابات الرئيس، لمقايضة صوت الناخب بمدى تنفيذ وعد المترشح، لأن الدولة ماضية في ممارسة دورها الطبيعي في خدمة المواطنين والارتقاء بحياتهم ورصد وتوفير الموارد اللازمة سواء بشرية أو مادية تضمن ازدهارها وديمومتها، بغض النظر موقفهم من الاقتراع.

وإنما الوعي الجماعي للمواطنين، دائما ما يدرك أن رئيس الجمهورية يجسد وحدة الأمة، ويجسم مؤسساتها ونظامها، ويملك هذا الوعي الملكة اللازمة والذكاء المطلوب لتقدير ما إذا كان لمرشح معين القدرة على قيادة شعبه إلى وجهة آمنة.

من هنا تأتي أهمية الانتخابات الرئاسية، كتعبير يتجاوز في رمزيته الجانب المطلبي المحض، ويتعداه إلى الالتفاف حول من يستطيع أن يجسد الأهداف السامية والاستراتيجية للأمة، خاصة في ظل التوترات المحيطة والتحولات العسيرة المقبلة.

ولنا في هذا الموقف، الجزائريين من البدو الرحل، كنموذج جدير بالدراسة والتمعن، فهم المعروفون بقلة مطلبيتهم، ومع ذلك يستقبلون مكاتب التصويت المتنقلة ويدلون بأصواتهم،

في لحظة مواطنة فريدة، يعبرون من خلالها عن انخراطهم في مشروع وطني يكرس استمرار الدولة وعلى رأسها رئيس للجمهورية، ثم يمضون مطمئنين لممارسة حياتهم.

من هذه المنطلقات، تعتبر الانتخابات الرئاسية، انتخابات الجزائر، ويوم الاقتراع، يوم الجزائر، والمشاركة فيه تكون للجزائر.

                         

                         

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى