افتتاحية الجزائر اليومالرئيسيةسلايدرعاجل

لقاء الرئيس بالأحزاب ..والنفس الثاني

بقلم: المعتز بالله منصوري

Ads

قبل عشرة سنوات، بحَّ صوت عشرات الأحزاب السياسية، المتحالفة آنذاك ضمن ائتلاف المعارضة، مطالبة السلطة بالجلوس إلى طاولة الحوار، دون جدوى.

اليوم، يبادر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بلقاء الأحزاب السياسية الممثلة في المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة وبمختلف تواجهاتها، ويفتح معها نقاشا وحوار استغرق قرابة 08 ساعات كاملة.

من الناحية الرمزية، يمكن تقديم العديد من القراءات للقاء. أولها وفاء الرئيس تبون، بالتزامه المتمثل في إحداث القطيعة النهائية مع الحكم الفردي، وانفتاحه على التشاور والتواصل مع الطبقة السياسية، من أجل تحضير القرارات أو توضحيها أو أيصال المعلومات لها.

رئيس الجمهورية، يردد في عديد المناسبات، أنه يمقت الضبابية، ولذلك قدم التزاماته الـ 54 مكتوبة ومكن لكل من أراد وتقييمها نقطة، نقطة، الرجوع إليها, كما جعل من تعميم الرقمنة، معركة مستمرة لإنهاء الضبابية في التسيير والاقتصاد.

ولا شك أيضا، أنه يكفر بالضبابية السياسية، التي طالما بنيت على احتقار الأحزاب السياسية وحقنها بالمال الفاسد، واعتماد سياسة العصا والجزرة معها، ما أدى في النهاية إلى اضمحلال الممارسة السياسية في البلاد، وسقوطها في مستنقعات الرداءة والريع والكوطة وغيرها من المظاهر التي أضرت بسمعة الدولة ككل.

من هذه المنطلقات، يعتبر لقاءه بالأحزاب، ظاهرة صحية، ومؤشر على التعافي السياسي للبلاد.

هذا التعافي، لا يتجلى فقط في الإرادة السياسية للرئيس تبون، في إقرار إصلاحات عميقة في نمط الحكم فحسب، ولكن في تجسيده قوة سحب نحو الأعلى في معظم المجالات.

والمقصود هنا، هو رسم آفاق طموح أقوى، كان إلى وقت قريب يعتبر إعجازيا، وعلى سبيل المثال، لم تعد الصادرات خارج المحروقات شعارا وأماني وديماغوجيات وإنما واقع وبرنامج يقاس ويقيم سنويا.

والطموح لا يتوقف عند الخروج من التبعية للمحروقات، بل على جعل المحروقات مكملا وعاملا مساعدا في الاقتصاد المتنوع القائم على الصناعة والفلاحة والخدمات والمناجم وكبريات المشاريع الهيكلية والاستثمارية وغيرها من عناصر التنمية الاقتصادية.

الرئيس تبون، أكد في أكثر من مرة، بأن البلاد كادت أن تذهب ريحها قبل 2019، من باب معرفته الدقيقة للأزمة ومسبباتها، وعلى رأسها الغاء السياسة في عمليات إعداد القرار الوطني، وتعويضها بجلسات الصالونات والغرف المظلمة لصياغة القرارات التي استنزفت الخزينة العمومية ومقدرات البلاد.

اليوم، وبعد إعادة تقويم المسار وإقرار التغيير الحقيقي في نموذج الحكم، لا يجد رئيس الجمهورية أية عائق في لقاء الأحزاب ذات التمثيل النيابي مهما اختلف حجم التمثيل، وذلك لعدة عوامل أهمها:

أنه جعل من قرار الدولة، قرارا وطنيا يراعي المصلحة الوطنية والمصلحة العليا للبلاد ولا شيء غير ذلك.

وبالتالي فإن النقاش أو الحوار بين رأس السلطة السياسية في الدولة والأحزاب السياسية، يصب في اتجاه المصلحة الوطنية، ودعم كل ما يستدعي الدعم، بعيدا عن الحسابات الضيقة.

وأهم العوامل، أن رئيس الجمهورية خلق ديناميكية لافتة في الاقتصاد وفي السياسة الخارجية، حددت بوضوح معالم الجزائر في 2027 واستعادت بريقها الدولي، وهذه الديناميكية لا يمكن إلا أن تستمر.

 ومن المهم للطبقة السياسية أن تحصل على القدر الكافي من المعلومات للإطمئنان على صواب المسار ودعمه وإسناده وفقا لبرامجها السياسية.

لقاء رئيس الجمهورية بالأحزاب السياسية، يعتبر نقطة تقييم ومحطة للاطلاع على الخطوط الكبرى  للنفس الثاني الذي باشرته البلاد، وتؤكد كل المؤشرات أنه واعد جدا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى